لقد أضحت اقتصاديات السكان من بين المواضيع التي تحتل مكان الصدارة في اهتمامات الأكاديميين والساسة في عالم اليوم وخاصة في الدول النامية. ولعل مصدر الاهتمام المعاصر بمواضيع السكان الذي تعاظم ابتداءً من ستينات القرن الماضي يعود إلى المشاكل الاقتصادية والسكانية الكبيرة التي واجهتها الدول النامية. فمعدلات النمو السكاني في معظم هذه الدول قد تضاعف إلى مستويات لم يشهد لها العالم مثيلا من قبل، وكان ذلك بسبب الانخفاض في معدلات الوفيات الذي لم يرافقه تغير يذكر في معدلات الخصوبة. هذا النمط للنمو السكاني ظهر حتى في أفقر الدول وأكثرها كثافة سكانية، الأمر الذي شكل اختلالاً في التناسب بين حجم السكان كمدخل إنتاجي من جهة ومدخلات الإنتاج الأخرى من جهة أخرى، بما ينطوي عليه هذا الأمر من تباطئ في زيادة الإنتاج، في الوقت الذي يتزايد الاستهلاك بسبب زيادة السكان. الأمر الذي يشكل ضغطا كبيرا ينعكس سلبا على الأحوال المعيشية والاجتماعية للسكان.