كانت الدولة اللبنانية دوما هي الضامن الأساسي لإنتاج الطوائف سياسيا و ضبط نزعاتها. و هكذا بقى الخلل يضرب في الكيان اللبناني يتعمق مع الزمن و يتحول إلى فجوات تسرت من خلالها هبات التفجير التي عصفت بالوطن أكثر من مرة و أخرها الحرب الأهلية (1975 - 1990 ). و يستمر ذلك إذا بقيت الطائفية الركيزة الأولى و الأهم في بنية النظام اللبناني. و من جهة ثانية فإن هذا الوضع الطائفي جعل عملية التوجيه القومي و التربية الوطنية في تبلبل بعد أن تخرجت أجيال من اللبنانيين متباينة الأفكار و المذاهب، كما تختلف في نظرتها إلى ماضي بلادها، كما تختلف في نظرتها إلى حاضرها و مستقبلها. فتكون من ذلك مجتمع متنافر الأجزاء يعيش أفراده منكمشين على أنفسهم ضمن تقوقعات طائفية، أو أنانية فردية لا تبالي بمصلحة عامة و لا مصير مشترك. كما نشأ عن هذا الواقع التوجيهي تباين في نظرة اللبنانيين إلى مصالحهم المشتركة و مصيرهم المحتوم، و إلى أوضاعهم الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية التي تتوقف عليها حياتهم.