0حمل مصطلح فلسفة التاريخ، منذ أواخر القرن التاسع عشر، مفهومين يختص كل واحد منهما بموضوع من الدراسة يختلف عن الآخر، عرف الموضوع الأول بفلسفة التاريخ التأملية أو النظرية، ودعي الثاني بفلسفة التاريخ النقدية أو التحليلية. وكان مصطلح فلسفة التاريخ، قبل أن يحمل هذين المعنيين، يشير عند ابتكاره من قبل فولتير منتصف القرن الثامن عشر، إلى دراسة التاريخ على أسس تحليلية نقدية تكفل تنقيته من الزائف والخرافي الذي لا يخضع لمعيار العقل، وهو اتجاه في الدراسة تطور ليبلور في أواخر القرن التاسع عشر موضوع فلسفة التاريخ النقدية. إلا أن الفلاسفة المثاليين الألمان أوجدوا في أواخر القرن الثامن عشر معنى آخر للمصطلح، إذ استعملوه لموضوع دراسي عرف بفلسفة التاريخ التأملية، يعتمد النظر الفلسفي في تفسير التاريخ العام وتحديد مساراته واستشراف آفاقه. وكان إيمانويل كنت في طليعة أولئك الفلاسفة الألمان، وهو الذي أوجد من بينهم، كما يقول هو، مفتاح فلسفة التاريخ التأملية.