الآثار الباقية مـــن القـــــرون الخالــــية

ebook

By أبي الريحان محمد بن أحمد البيروني الخوارزمي

cover image of الآثار الباقية مـــن القـــــرون الخالــــية

Sign up to save your library

With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.

   Not today
Libby_app_icon.svg

Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

app-store-button-en.svg play-store-badge-en.svg
LibbyDevices.png

Search for a digital library with this title

Title found at these libraries:

Loading...

إن أقرب الأسباب المؤدية إلى هذا الكتاب هو معرفة أخبار الأمم السالفة، وأنباء القرون الماضية؛ لأن أكثرها أحوال عنهم، ورسوم باقية من رسومهم، ونواميسهم، ولا سبيل إلى التوسل إلى ذلك من جهة الاستدلال بالمعقولات، والقياس بما يشاهد من المحسوسات سوى التقليد لأهل الكتب، والملل، وأصحاب الآراء، والنحل المستعملين لذلك، وتصيير ما هم فيه أسًّا يبنى عليه بعده، ثم قياس أقاويلهم، وآرائهم في إثبات ذلك بعضها ببعض بعد تنزيه النفس عن العوارض المردئة لأكثر الخلق، والأسباب المُعْمِية لصاحبها عن الحق وهي كالعادة المألوفة، والتعصب، والتظافر، واتباع الهوى، والتغالب بالرئاسة، وأشباه ذلك، فإن الذي ذكرته أولى سبيل يسلك بأن يؤدي إلى حاقِّ المقصود، وأقوى معينٍ على إزالة ما يشوبه من شوائب الشبه، والشكوك، وبغير ذلك لا يتأتى لنا نيل المطلوب، ولو بعد العناء الشديد، والجهد الجهيد على أن الأصل الذي أصَّلته، والطريق الذي مهدته ليس بقريب المأخذ، بل كأنه من بُعْده وصعوبته يشبه أن يكون غير موصول إليه؛ لكثرة الأباطيل التي تدخل جمل الأخبار، والأحاديث، وليست كلها داخلة في حد الامتناع فتميز، وتهذب؛ لكن ما كان منها في حد الإمكان جرى مجرى الخبر الحق إذا لم يشهد ببطلانه شواهد أخر بل قد يشاهد، وشوهد من الأحوال الطبيعية ما لو حكي مثلها عن زمان بعيد عهدنا به لثبتنا الحكم على امتناعها، وعُمر الإنسان لا يفي بعلم أخبار أمة واحدة من الأمم الكثيرة علمًا ثاقبًا، فيكف يفي بعلم أخبار جمعيها هذا غير ممكن؟!

الآثار الباقية مـــن القـــــرون الخالــــية