وسوف لن أستطرد في الشرح ؛ لأن الموضوع مطروق بما يغني عن الإعادة والتكرار ، ولكن سوف أرد الفروع إلى الأصول بما يجعل من هذا الكتيّب ـ وثيقة ـ مختصرة لمن لا يعرف المنهج التجديدي الذي قامت على أساسه كبرى الحركات الإسلامية في العالم « جماعة الإخوان المسلمين » وتفرعت عنها كل الجماعات الداعية للوسطية والاعتدال حتى لو لم يربط بينها خيط تنظيم ، فالأفكار الحية كالبضائع واسعة الانتشار لا يحتاج منتجوها إلى دعاية تروّج لها إذا تكافأت الفرص .

فقد التمس مني البروفيسور خورشيد أحمد ، رئيس تحرير مجلة ترجمان القرآن ، الكتابة حول منهج مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الإمام الشيخ حسن البنا ، بمناسبة ذكرى ميلاده المئوية ، بنيّة استصدار عدد خاص من المجلة المذكورة ـ كمساهمة من الجماعة الإسلامية ـ لتذكير العالم بالدور الإصلاحي الرائد الذي أسس له المجاهد الشهيد الشيخ حسن البنا طيّب الله ثراه.

ولأن الأخ البروفيسور خورشيد لم يحدد لي محورًا للحديث ، أو موضوعًا للكتابة ، فقد وجدت المهمة صعبة من ناحيتين :

أن حركة الإصلاح العالمية التي أسس لها وقادها الإمام الشيخ حسن البنا صارت بالفعل ـ وفي الميدان ـ مدرسة عالمية ذات امتداد جغرافي كاسح وذات انتشار فكري واسع النطاق مسّ اليوم ـ كمنهج وسطي للتغيير ـ القارات الخـمـس ، وهذا الاتساع وذاك الانتشـار سوف يجعل المهمة التاريخية في الكتابة ثقيلة وذات آثار متعدية.

أن عدم تقييد الموضوع بحصره في نقطة أو نقطتين محددتين بدقة يسلمه للعموميات والأحاديث الانطباعية المرتجلة المؤدية حتمًا إلى استنساخ كتابات مكرورة لا تضيف جديدًا ولا تشرح قديمًا ، لاسيما أن المكتبات تعجّ بآلاف المصنفات والكتب والدراسات حول شخصية المؤسس وحول المنهج الدعوي الذي صار يُعرف اليوم بمنهج الوسطية والاعتدال ، أو بكلمة مختصرة صارت ذات صيت ، وذات ظلال سياسية عالمية هي « جماعة الإخوان المسلمين » .

ولأنني من المعجبين بالأفكار الهادئة ، وبالاعتدال في التفكير والتوســط في الممارســــات ، ومن المدافعين عن الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل بالتي هي أحسن ، ومن الواقفين ضد التطرف والانبتات ، فقد وجدت نفسي معجبًا بفكر الشيخ حسن البنا ، ومن المتأثرين بمنهجه في التربية وبطريقته في الإصلاح الشامل « الاقتصادي والسياسي...