غدت في الغرب الآن مفردات مثل "الحداثة" ، "ما بعد الحداثة" ، "ما بعد العولمة" مفردات بالية ليس لها معنىً تأتي أصداؤها من الماضي السّحيق. إذ أدرك الفلاسفة الغربيون أن العالم في لحظته الحالية يعيش داخل المستقبل، وفلسفتهم عاشت دائما منذ مراحلها القديمة الأولى داخل مستقبل آت . لحظة الإدراك هذه تمت خلال السنوات الأخيرة من القرن العشرين، وهي فترة ذروة الفلسفة الأوربية منذ أكثر من إلفي عام. أنها لحظة كشف فلسفي أدركها قلة من فلاسفة دون غيرهم، هم الذين يقدمهم هذا الكتاب كخلاصة للفلسفة الغربية المعاصرة وكخلاصة للخلاصة التي دامت عالميّا أكثر من عشرين قرن كي تبلغ إدراك الحقيقة كالومضة التي تلخص تاريخا برمته من وعي الإنسان . لم يعد الماضي موجودا، بالنسبة للفكر الأوربي ، إلا كلحظات فلسفية مضيئة لدى بعض الفلاسفة ومحض تراكم لأجل تهيئة المستقبل . هنا تحتم وضع نهاية لفضاءٍ فلسفيٍّ ماض عاش في أوربا مئات السنين كي يكثف نفسه داخل أفق فلسفي مفتوح على فضاء آخر دون حدود. فضاء أدرك الفلاسفة الغربيون أن مكانه داخل المستقبل الذي تنبئوا به وأخذوا يشيدونه في كتاباتهم الآنية. بينما الثقافات السائدة في البلدان الأخرى تراوح داخل ماضيها السحيق وكأنها غير موجودة داخل هذا العالم . فالمواجهة لم تعد مواجهة ثقافات بل مواجهة مع المستقبل. هنا تكثف جهد الفلاسفة الغربيين الآن في اجتياز عتبة المستقبل، وتمت نهايات الفضاء الفلسفي المعاصر .

هذا الكتاب يرصد احدث محطات الإنتاج الفلسفي الغربي مُقدما فلاسفة كتبوا المستقبل منذ الآن. كشف فلسفي جديد يقدمه المؤلف بعد: "مدرسة فرانكفورت" ،