هذا الكتاب بعنوان "حق المتهم في الصمت في قانون الإجراءات الجنائية" إن ما حفلت به العدالة الجنائية من نضال مرير، تتوج على اثره بانتصار جملة من مبادئ حقوق الإنسان، وتمخض ذلك عن تبني حقوق الأفراد وضماناتهم من لحظة القبض عليه، ومروراً في كل مراحل التحقيق الابتدائي، والقضائي المتمثلة بالمصادر الرئيسة لتلك الضمانات، وأهمها إقرار مبدأ الشرعية الجزائية بشقيها الإجرائي والموضوعي، وهو أمر على قدر كبير من الأهمية، إذ إنه أرسى كل القواعد الجنائية الإجرائية التي انطوت على قدر كبير من الضمانات للمتهم في التشريعات الجنائية المعاصرة، ومن جملة الضمانات هي الحق في الصمت، فقد رسمت التشريعات والاتفاقيات الدولية حدود للمساس بتلك الحقوق ضمن أطر قانونية ووطنية تضمن من جهة حق الدولة في الكشف عن الحقيقة، ومن جهة أخرى حق المتهم بالتمتع بأصل البراءة، التي من مقتضياتها الا يكلف المتهم بإثبات براءته وله أن يلتزم الصمت في مواجهة سلطة الاتهام التي يجب عليها أن تقدم أدلة جازمة. وتمثلت أهمية البحث كونه من الموضوعات الحديثة التي لم تستوف حقها من الدراسة اسوة بالموضوعات القانونية الأخرى، ويُعد الحق في الصمت أحد ضمانات المتهم في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، إذا لحق في الصمت صوره من صور حقوق الإنسان اللصيقة به، وقد برزت مشكلة البحث في أن القانون الجزائي الإجرائي يحرص على مراعاة مبدأ الملاءمة بين مصلحتين مهمتين الأولى تكمن في ضمان الحرية الفردية المستنبطة من قاعدة الأصل في المتهم البراءة حتى تثبت الإدانة، ويتمثل ذلك بحكم قضائي، والثانية تكمن في ضمان فاعلية قانون العقوبات في حماية المصالح المعتبرة والمحمية من الاعتداء عليها ومن تلك المصالح هو الحق في الصمت الذي تدور

الدراسة حوله.