هذا الكتاب بعنوان "مشروعية السلطة في الفكر القومي العربي المعاصر : منيف الرزاز، وقسطنطين زريق، وزكي الأرسوزي أنموذجا" يستعرض الكتاب، الفائز بجائزة أمير دولة الكويت لأفضل بحث علمي عام 2014، مقاربة نقدية عقلية لمفاهيمي شرعية السلطة ومشروعية الحكم في سياق الفكر القومي العربي عبر نماذج ثلاثة: منيف الرزاز، وقسطنطين زريق، وزكي الأرسوزي. يبدأ الكاتب بفحص مفاهيم السلطة في السياق الفلسفي الغربي المعاصر، ومن ثم ينتقل إلى السياق العربي، حيث يناقش المعضلة العميقة للدولة العربية الحديثة بين الأصالة والمعاصرة، ويكشف أن السلطة تعاني منذ نشأتها من أزمة في الشرعية والمشروعية بسبب غياب مشاركة فعالة للمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني، ثم ينتقل الكتاب إلى تطبيق هذه المفاهيم على الأعمال الفكرية للمفكرين الثلاثة. منيف الرزاز يرى القومية العربية كشعور جماعي متجذر في التاريخ، وقومية الشعوب المضطهدة تتسم بطابع تحرري وإنساني يُناقض القومية الاستعمارية، أما قسطنطين زريق فيربط بين القومية الحقيقية والدين، معتبرًا أن الإسلام يمثل قوة روحية لا تتناقض مع القومية بل تغذيها، وأن بناء مجتمع عربي حديث يجب أن يستلهم قوته من التراث الإسلامي، ويقدم زكي الأرسوزي رؤية قومية أكثر حسمًا، حيث يرى أن الروابط العربية هي روابط دموية وليست لغوية فقط، ما يشير إلى فهم مختلف للقومية يتجاوز مفهوم الموروث الثقافي إلى الأصول العرقية.

في الخاتمة، يحذر المؤلف من أن الدولة العربية الحديثة ما تزال تعاني من أزمات ممنهجة في المشروعية، نتيجة غياب الشفافية، وضعف الواقع الدستوري والقانوني، وتهميش دور المجتمعات المدنية، مما يُضعف التأييد الشعبي للسلطة، كما يؤكد أن المفكرين العرب، بالرغم من اهتمامهم بالشرعية، قد أغفلوا بعمق قضية المشروعية، بينما التطور الفكري الفلسفي غربيًا ظل أكثر اهتمامًا بها.

باختصار، يمزج الكتاب بين السياق النظري الغربي والتطبيقات الفكرية العربية عبر نماذج بارزة، ليقدم قراءة نقدية عميقة لعلاقة السلطة بالدولة والمجتمع في التجربة العربية المعاصرة، داعيًا إلى إعادة قراءة المشروعية كمطلب لازمة لبناء الدولة المدنية المجتمعية.