هذا الكتاب بعنوان "متاهات الإنسان المعاصر في الخطاب الأدبي" يتناول الكتاب أزمة الإنسان المعاصر في مواجهة التحولات السريعة للمعرفة والمجتمع والثقافة، وكيف انعكست هذه الأزمة على الخطاب الأدبي، الذي أصبح مرآة لفوضى القيم والهويات والتجارب الفردية والجماعية. يبدأ المؤلف بتحليل التحولات التي طرأت على النصوص الأدبية الحديثة، مبينًا كيف أدت هذه التحولات إلى إعادة تعريف العلاقة بين الكاتب والنص والقارئ، مع الإشارة إلى مفاهيم مثل "موت المؤلف"، و"موت النص"، و"موت القارئ" عند فلاسفة النقد الحديث مثل فوكو ودريدا ولاكان.

ويركز الكتاب على تعدد المدارس النقدية وتداخل المصطلحات الحديثة، موضحًا كيف ساهم هذا التداخل في خلق نوع من المتاهة في فهم النصوص وتفسيرها، لكنه في الوقت ذاته يبرز كيف أن هذه المصطلحات والأطر النقدية ما زالت تمنح الباحث أدوات تحليلية هامة لتفكيك النصوص واستكشاف أبعادها الجمالية والفكرية.

يناقش الزعبي أيضًا أثر التكنولوجيا والثورة الرقمية على الأدب والإنسان المعاصر، مؤكّدًا أن الأدب لم يعد مجرد وسيلة للتعبير الفني، بل أصبح مساحة لاستشراف التحولات الاجتماعية والنفسية، ومواجهة التحديات الناتجة عن العولمة والانفجار المعلوماتي. ويبرز الكتاب أن غياب البعد الروحي والإبداعي في الخطاب الأدبي قد يؤدي إلى تحول الإنسان المعاصر إلى كائن ميكانيكي فاقد للعمق الإنساني، مما يجعل من الحفاظ على الإبداع والجمال والروح الإنسانية مهمة أساسية للأدب والنقد.

باختصار، يقدم الكتاب قراءة نقدية معمقة للمتاهات الفكرية والوجودية التي يعيشها الإنسان المعاصر في ظل التحولات الثقافية والاجتماعية، ويكشف دور الأدب كمرآة للتجربة الإنسانية، فضلاً عن كونه أداة لتحليل المجتمع والوعي الذاتي، مع التأكيد على ضرورة دمج الفكر النقدي بالجانب الإبداعي والجمالي للحفاظ على إنسانية الإنسان المعاصر.