هذا الكتاب بعنوان "بلاغة السؤال والجواب : دراسة في جماليات الهوامل والشوامل" يقدّم دراسة معمّقة في النثر الفلسفي العربي من خلال التركيز على الحوار بين أبي حيان التوحيدي وابن مسكويه في كتابهما المعروف "الهوامل والشوامل"، الذي يُعد أحد أبرز نماذج البلاغة العربية التي تدمج الفكر الفلسفي مع فنون البلاغة. تهدف الدراسة إلى كشف جماليات السؤال والجواب في هذا النص، وكيفية استخدام المؤلفين للحوارات كمكوّن أساسي للتعبير عن الفكر والأخلاق والسياسة والفلسفة.

يعرض الكتاب المنهجية التحليلية التي اعتمدتها الباحثة، حيث قسمت الدراسة إلى مقدمة وفصلين رئيسيين وخاتمة. في المقدمة، تناولت الباحثة البلاغة القديمة والحديثة وأسباب اختيار النص كأساس للتحليل، مؤكدة على أهمية فهم العلاقة بين الفلسفة والأدب في العصر العباسي.

في الفصل الأول، ركزت الدراسة على المضمون الفكري للنص، حيث استعرضت موضوعات مثل المعرفة، الأخلاق، الجمال، السياسة، الإنسان، والنقد، مع تحليل كيفية تقديم هذه القضايا عبر أسلوب الحوار. أظهرت الباحثة أن السؤال والجواب في النص لا يقتصر على وظيفة تعليمية أو استفسارية، بل هو أداة بلاغية لتقويم الفكر وتقديم الحكمة بأسلوب جذاب ومؤثر.

أما الفصل الثاني، فقد تناول الجماليات الأسلوبية والنقدية للنص، مع التركيز على استخدام الهوامل والشوامل كأدوات بلاغية لصياغة الحجج والأفكار، وبيّنت الباحثة كيف أن تنويع الأسلوب بين السؤال والجواب يخلق إيقاعًا فنيًا وانسجامًا منطقيًا، مما يعزز قوة التأثير على القارئ أو المستمع. كما قدمت تحليلاً للعناصر البلاغية مثل الاستعارات، الطباق، التكرار، والتوازي في النص، موضحة دورها في إبراز المعاني الفلسفية العميقة.

في الخاتمة، خلصت الباحثة إلى أن دراسة الهوامل والشوامل تُظهر أن البلاغة ليست مجرد أسلوب لغوي، بل هي أداة للتعبير عن الفكر الفلسفي ومناقشة القضايا الإنسانية، وأكدت على أهمية إعادة تحقيق النص وتصحيحه نظرًا لوجود أخطاء في النسخ المتداولة، ودعت إلى مزيد من الدراسات النقدية للنثر الفلسفي العربي القديم.

باختصار، يمثل الكتاب جسرًا بين البلاغة والفلسفة، ويكشف كيف يمكن للحوار بين السؤال والجواب أن يكون وسيلة لتوصيل الفكر والمبادئ الأخلاقية بطريقة فنية، ويعكس تميز التراث العربي في دمج الفكر والفن معًا بطريقة متقنة وعميقة.