هذا الكتاب بعنوان "الدرجيني ومنهجه في كتاب طبقات المشايخ بالمغرب" يقدّم هذا الكتاب دراسة تحليلية منهجية لأبي العباس أحمد بن سعيد الدرجيني، مؤلف كتاب "طبقات المشايخ بالمغرب"، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية لتاريخ الحركة الإباضية في شمال إفريقيا. يوضح المؤلف كيف اعتمد الدرجيني في كتابه على منهج تقسيم العلماء إلى طبقات زمنية، بحيث تشمل كل طبقة فترة خمسين عامًا تقريبًا، مع بدء الطبقة الثانية من عام 50 هـ، باعتبار الطبقة الأولى معروفة جيدًا من قبل الباحثين، وهذا التقسيم يعكس تطور الحركة الإباضية وانتشارها عبر الزمن والمناطق المختلفة مثل وارجلان، أريغ بتُقُّرت، وادي سوف، جربة، وجبل نفوسة.

يركّز الكتاب على دور الدرجيني في توثيق تراجم العلماء الإباضية، مبينًا مناقبهم وأخلاقهم، ومهاراتهم في التعليم والفقه، وعلاقتهم بالمجتمعات التي عاشوا فيها. كما يبرز كيفية تسجيله البيئة الاجتماعية والسياسية لتلك الفترة، ما يجعل الكتاب مرجعًا مهمًا لفهم كيفية تفاعل العلماء الإباضية مع مجتمعاتهم، ونشر الفكر الديني والحفاظ على استمراريته عبر الأجيال.

تتضمن الدراسة أيضًا تحليلًا لأسلوب الدرجيني في الكتابة والتوثيق، من حيث دقته في تسجيل المعلومات، واعتماده على مصادر موثوقة، واهتمامه بتقديم الرواية التاريخية بشكل منهجي ومتسلسل، بما يعكس ثقافة مؤلفه في المعرفة والاهتمام بالتاريخ الديني والاجتماعي. ويخلص الكتاب إلى أن منهج الدرجيني لم يكن مجرد أسلوب تصنيف، بل كان أداة لإثبات تواتر الفكر الإباضي واستمراريته عبر الزمن، مع إبراز مساهمة العلماء في حفظ الدين والموروث الثقافي العماني والمغاربي، ما يجعل هذه الدراسة إضافة قيمة للمكتبة العربية في مجال تاريخ الفكر الإباضي وتاريخ العلماء في المغرب وشمال إفريقيا.