لم تكن قصص الحشب الخالدة بين قيس وابنة عمه ليلى، وبين عروة والعفراء ومن قبلهم عنترة وعبلة حكايات عشق تروي في طيات صفحاتها ، وثنايا أحاديثها، أمثلة خالدة لشعر المحبين ، وتعلق القلوب، وانقطاع الآمال ؛ بل كانت تعرض أيضًا صورًا عن الحياة الاجتماعية، والعلاقات الأسرية عند العرب ؛ إنها كانت أكثر وأعمق وأعرق من ذلك بكثير. لقد جمعت قصص الحب تلك بين حب حقيقي وحرمان مر، ثم خلدها الشعر لكنها لم تكن لتخلد وتعيش في وجداننا لو أن ليلى (أجبرت) على الزواج من قيس، أو لو أنها كانت ( محجوزة ) له منذ يوم المهد الأول، أو لو أن العلاقة بينهما لم تكن سوى اتباع العادة اجتماعية التزمت بها قبيلتهما عبر الأجيال. وما أكثر ما يسأل أب خطب ابنته ابن عمها، أو شاب يريد أن يتزوج ابنة خالته ، أو فتاة خطبها ابن عمتها - وحق لهم أن يسألوا - هل من ضرر في زواج الأقارب ؟ في هذا الكتاب ، نحاول أن نقرأ حكاية الرجل مع ابنة العم ، بعيدا عما اكتنفها من الأقاويل التي بالغت أو قصرت لننظر إلى هذه العلاقة الفريدة بموضوعية وعلمية ، حتى نصل إلى تصور واضح عن السؤال الذي لا يزال يردون هل الضرر من زواج الأقارب أكبر من منافعه ؟