يوثّق هذا الكتاب أحد أكثر الملفات تعقيدًا وتشابكًا في التاريخ السياسي الحديث: العلاقة بين الصهيونية والماسونية، من منظور تاريخي وتحليلي يعتمد على مصادر أصلية وشهادات معاصرة، ويتتبّع الأدوار التي لعبتها شبكات النفوذ في صياغة المشهد الدولي منذ القرن التاسع عشر وحتى ما بعد إعلان قيام دولة إسرائيل. في سياق هذا العمل، يرصد المؤلف النشأة التاريخية للصهيونية كحركة قومية سياسية ظهرت في أوروبا الشرقية، وارتبطت بمخططات إعادة توطين اليهود في فلسطين، مدعومة بتقاطع مصالح مع القوى الاستعمارية الكبرى، لا سيما بريطانيا والولايات المتحدة. كما يستعرض جذور الماسونية، وتحوّلها من جمعية نُخبوية إلى شبكة نفوذ دولية ساهمت في تمكين شخصيات يهودية في مراكز صنع القرار، وتسهيل التحرك السياسي للصهيونية على الصعيدين المالي والدبلوماسي. يناقش الكتاب محاضر وقرارات وأحداثًا مفصلية، مثل دور المحافل الماسونية في أوروبا، ومواقف بعض زعماء العالم من المشروع الصهيوني، وتوثيق الدعم المالي والإعلامي الذي مهّد لاحتلال فلسطين وتهجير سكانها. كما يسلّط الضوء على البنية الفكرية التي تجمع بين المشروعين، والتقاطع الوظيفي بين أهدافهما في الهيمنة الناعمة والسيطرة الثقافية والاقتصادية ، ولا يهدف هذا العمل إلى الإثارة أو الأحكام المسبقة، بل إلى تقديم ملف شامل وموثق يساعد القارئ على فهم أبعاد الصراع، ورؤية ما جرى ويجري من خلال أرشيف الأحداث لا ظلال الأيديولوجيا.