تعاني الكثير من دول العالم النامية والمتقدمة على حد سواء من ظاهرة الاقتصاد الخفي التي تهدد اقتصادياتها من خلال انحراف بعض أنشطتها الاقتصادية عن مساراتها الصحيحة وجنوحها الى الظل بعيدا عن رقابة الدولة وتخرج عن سيطرتها الاقتصادية وبالتالي تضعف قدرتها في رسم السياسات الاقتصادية على الرغم من أن هذه الظاهرة من الظواهر القديمة التي عانت منها الكثير من دول العالم إلا أن الاهتمام بدراستها والبحث في سبل معالجتها لم يبدأ إلا منذ عقود قليلة بعدما تفاقمت وأصبحت ظاهرة عالمية حظيت باعتراف منظمة العمل الدولية رسميا منذ 1972، ويعتبر الاقتصاد الخفي حقيقة من حقائق الحياة الاقتصادية في جميع دول العالم خصوصا في البلدان النامية الذي يشكل تهديدا خطيرا لاقتصادها يشمل الاقتصاد الخفي على أنشطة اقتصادية مشروعة وأخرى غير مشروعة، بحيث تمثل الأنشطة غير المشروعة الجزء الأكبر من هذا الاقتصاد وهي تشمل الغش وتجارة المخدرات والتستر التجاري وتجارة السلاح والدعارة وتجارة الآثار والسلع المسروقة والمهربة وتجارة الأعضاء البشرية ولعب القمار والرشوة والاختلاس وغسيل الأموال وكافة صور الفساد المالي، ويلاحظ أن حجم الاقتصاد الخفي أكثر نموا واتساعا في الدول التي تعاني من عدم الاستقرار والضعف والقصور في الأنظمة والقوانين المطبقة، إن نشاط الاقتصاد الخفي يجري بعيدا عن سيطرة واضعي السياسات الاقتصادية لذلك فإن اتساع حجم هذا الاقتصاد سيحول دون فاعلية تلك السياسات الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة عبر الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية، كما أن للاقتصاد الخفي آثارا سلبية على مؤشرات الاستقرار الاقتصادي خصوصا الناتج المحلي الإجمالي والتضخم والبطالة.