إن التواصل مع عالم الشعر وعالم محبي الكلمة الشعرية من خلال التجمعات الطلابية في بداية الأمر، ثم من خلال المهرجانات الأدبية والتجمعات العمومية المختلفة، أعطى لهذه "الجماعة من شعراء المغرب الشرقي "نوعا من الثقة بالنفس، وذلك من خلال تجاوبها المتميز مع الجماهير العاشقة للكلمة الشعرية المعبرة عن آمال الجماهير، والهادفة إلى تلبية حاجاتها الفكرية، هذا التجاوب أدى إلى تمكن عدد من أعضاء هذه الجماعة من إصدار عدد لا بأس به من المجموعات الشعرية التي لقيت بدورها صدى طيبا في أوساط القراء، كما أننا نستطيع أن نزعم أن إقدام هذه الجماعة على إصدار مجلة "المشكاة " يعتبر تلبية لحاجة من نوع خاص فرضتها ظروف مغرب أوائل سنوات الثمانين .ذلك أن الساحة الفكرية في المغرب لم تعد، وخاصة في أوساط الجامعة والشباب، حكرا على أصحاب التيار اليساري الماركسي اللينيني، بل صارت الصحوة الإسلامية تفرض وجودها في هذه الساحة على نطاق وسع، وهذا الوضع الجديد اقتضى التواصل مع جماهير هذه الصحوة فكريا وثقافيا وأدبيا، من خلال منبر ثقافي متميز هو مجلة "المشكاة" التي أصبحت تحمل نكهة خاصة، أعطتها موقعا متميزا على صعيد العالم العربي والإسلامي بصفة عامة، ولعل من أسباب استمرارها في الصدور المنتظم منذ حوالي عقدين من الزمن يرجع إلى هذه الميزة التي أكسبتها قراء دائمين عبر مختلف أقطار العالم الإسلامي، وعلى ضوء ذلك جاء هذا الكتاب بالشرح والتوضيح متناولا نظرية التناص : المفهوم وخصوصية التوظيف في الشعر العربي المعاصر.