كان للفقه والقضاء أولوية كبيرة واهتمام بالسلامة الجسدية والنفسية للعمال، ورعاية صحتهم أثناء ممارستهم العمل في أماكن العمل أو بسببه، لما لهذا الجسد من قدسية وحرمة تحصنه من الاعتداء عليه، وتوجب توفير الحماية اللازمة له، وكذلك من خلال مواجهة المخاطر المهنية التي قد يتعرض لها العمال اثناء تأديتهم العمل أو بسببه، وقد أدت تلك الجهود المضنية الى عقد الاتفاقيات الدولية بشأن الصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل، وحماية العمال من مخاطر العمل وكوارثه المحتملة، مما حدى بالمشرع في قانون العمل إلى النص صراحة على الزام صاحب العمل بضمان الصحة والسلامة المهنية للعمال، وتأمين بيئة العمل من مخاطر العمل ليتسنى للعمال تأدية عملهم في بيئة عمل صحية وآمنة قدر المستطاع، وبذلك يكون المشرع في قانون العمل قد فرض التزاما على عاتق أصحاب العمل بتوفير وسائل الصحة والسلامة المهنية في مشروعات العمل المختلفة، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لدرء المخاطر المهنية المحيطة بالعمال في سبيل تحقيق الهدف المنشود المتمثل بحماية العمال من تلك المخاطر المحتملة، أو الحد من وقوعها على أقل تقدير، إذ لا يستطيع صاحب العمل من تحقيق التزامه بضمان الصحة والسلامة المهنية للعمال ما لم يوفر لهم الوسائل اللازمة التي تقيهم من مخاطر العمل، ويقدم لهم المعلومات الكفيلة بدرئها، ولا يزال الخطر المهني مصدر تهديد على سلامة العمال وصحتهم وحياتهم، لذلك ينبغي على صاحب العمل مواجهته للذود عن سلامة عماله وحفظ صحتهم أثناء ممارستهم العمل في المشروع، خصوصا أن تلك المخاطر مازالت في تطور مستمر نتيجة استعمال التقنيات التكنولوجية الحديثة التي طرأت على قطاع العمل، وعلى ضوء ذلك جاء هذا الكتاب بالشرح والتوضيح من خلال دراسة مقارنة متناولا النظام القانوني لالتزام صاحب العمل بتوفير متطلبات الصحة والسلامة المهنية للعامل.