تلعب وسائل الإعلام في عالمنا المعاصر دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الجماهيري وتوجيه الرأي العام. تعتبر وسائل الإعلام، بمختلف أشكالها وأدواتها مصدرًا رئيسيًا للمعلومات والمعرفة، ومؤثرًا فعالًا في تكوين التصورات الاجتماعية والسياسية والثقافية. وفي ظل التطورات التكنولوجية والتغيرات الاجتماعية والسياسية الراهنة، شهدت صناعة الصحافة في السنوات الأخيرة تحولات جوهرية، سواء في عمليات جمع الأخبار وتحريرها ونشرها، أو في أساليب إدارة العمل الصحفي. كما طالت هذه التحولات الأدوار التي يلعبها الصحفيون والجمهور في عملية الاتصال.

دفعت تلك المتغيرات المؤسسات الصحفية إلى إعادة هيكلة نفسها، وتبني نماذج اقتصادية وإدارية جديدة لتبقى في دائرة المنافسة. ولم تقتصر التحولات على الرقمنة التقنية فحسب، بل شملت أيضًا تغييرات في مكونات غرف الأخبار وآليات تدفق الأخبار وروتين العمل الصحفي، والتحول في مفاهيم الصحفيين ومدركاتهم حول أدوارهم ووظائفهم، بالإضافة إلى تعدد منصات إنتاج وتوزيع المحتوى الصحفي.

يقف خلف هذا المحتوى الصحفي الذي يصل إلى الجمهور، قوى وعوامل متعددة تسهم في تشكيله وصياغته. يسعى هذا الكتاب إلى رصد وتحليل هذه القوى والعوامل المؤثرة على تشكيل المحتوى الصحفي، متعمقًا في فهم مكونات بيئة العمل في غرف الأخبار والعمليات الروتينية والعوامل التنظيمية التي تؤثر في تشكيل المحتوى. يقدم هذا الكتاب للطلاب والباحثين والممارسين في مجالات الإعلام والاتصال نظرة شاملة ومتعمقة من داخل غرف الأخبار على عملية إنتاج المحتوى الصحفي، وكيف تؤثر العوامل الداخلية في صناعة وتشكيل هذا المحتوى؟