لاشك أن المدنيون هم أول الضحايا للحروب، فمنذ العصور القديمة اتسمت الحروب بالوحشية، ولم يفلت من ويلاتها المدنيون، خاصة الأطفال والنساء والشيوخ، ونظرا لما تسببه الحروب من كوارث تصيب الإنسانية، شرعت الأديان السماوية الكثير من القواعد الإنسانية التي تكفل للمدنيين الحماية والاحترام، للتخفيف من وحشية آلياتها واعتدتها، فلا يلجأ احد إلى القتال إلا لضرورة دفع العدوان، بحيث لا ينبغي الاستمرار في نزاع إذا لاحت بوادر السلام، وبتقدم المجتمعات وتطورها، ازدادت الحروب والنزاعات من اجل أن تحقق كل دولة الأهداف التي تصبوا إليها من توسع وغيرها، ونظرا لما تسببه الحروب من آثار مدمرة يدفع ضريبتها المباشرة السكان المدنيين، اتجهت الأسرة الدولية وبضغط من آثار تلك الحروب المتطورة إلى ضرورة وجود قوانين وأعراف للحروب، وقننت بعض الأعراف بموجب اتفاقيات أصدرها مؤتمرا لاهاي للسلام عامي 1899و1907، واللذين تضمنا أحكاما قليلة تتعلق بحماية المدنيين من أخطار القتال، وعلى ضوء ذلك جاء هذا الكتاب بالشرح والتفصيل متناولا حماية المدنيين في زمن النزاعات المسلحة الدولية : العراق أنموذجا.