بين لنا هذا الكتاب أن رحلة البحث التي خضناها حول صورة الأنا والآخر في شعر الصحيح والتي جعلتنا نقف عند الكثير من علامات الاستفهام، قادتنا إلى حقيقة كون تجربته الإبداعية في هذا المضمار لا تخرج عن الطبيعة الإنسانية بوجه عام، والتي تفترض وجود كيانين موضوعيين مستقلين هما الأنا والآخر، ولا يمكن للأنا أن تكتشف نفسها أو تحقق كينونتها بمعزل عن الآخر، فهو يشكل عنصرا مهما في صميم وجودها تعكس التجربة الشعرية للصحيح قدرا كبيرا من سعي الأنا الحثيث نحو معرفة ذاتها لتحقيق خصوصيتها وإثبات هويتها أدى تمسك الأنا بقيمها الأصيلة وعجزها عن ممارستها إلى تصدع العلاقة بينها وبين الآخر، فاغتربت نتيجة اتساع الهوة بين واقعها الداخلي وما تأمل في تحقيقه وواقع الآخر المرير البعيد عن طموحاتها، وترفض الأنا في محاولتها رسم صورة الآخر الوقوف عند واقعه المفروض وتتجاوزه إلى تشكيل صورة خاصة بها انطلق الآخرون في تشكيل صور للأنا من رؤى مشوهة وحقائق مقلوبة عمد إليها حتى يتمكن من فرض ثقافة السيطرة والاكتساح دون هوادة، بعدما أعطى الحق لنفسه في نفي الآخر، ومن ثم بدا َمتمركزا حول ذاته مستبعدا الأنا متخذا موقفا مغلقا تجاهها اتضحت العلاقة الجدلية بين الأنا والآخر من خلال البنية الدرامية، التي مكنتنا من الوقوف عند حشد من الدلالات التي طرحها نص "صياد صوفه السرب" وذلك من خلال إكساب الشاعر النص الإيحاءات الأسطورية.