انتشرت ظاهرة المخدرات في معظم أقطار الوطن العربي بعد الإخلال بالنظام السياسي والاجتماعي في عدد منها كالعراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان، وما حل بها من احتلال الدول الأجنبية لأراضيها وما نتج عن ذلك من تبعثر البناء الاجتماعي وانفراط عقد الأسر وتشتتها بالنزوح الداخلي في مخيمات اللجوء أو بالنزوح الخارجي فأمست تلك الأقطار دولا لمرور المخدرات بأنواعها ومن ثم أصبحت دولا للمرور والتداول والتعاطي لتلك المخدرات بين أفراد مجتمعها من كلا الجنسين، وكان للشباب حصة الأسد في تلك المعضلة، وأمست دول الجوار غير العربية كإيران وتركيا ممرات ومصادر ميسرة لوصول تلك السموم وبصيغ ممنهجة ومقصودة كما أن للمنظمات الإرهابية والأحزاب الملفعة برداء الدين دور أساسي في استزراع والمتاجرة بالمخدرات بل أصبحت موردا ماديا لنشاطاتها المريبة تغذي، من خلال المتاجرة بها، أرصدتها المالية داخل بلدانها وخارجها كما حصل في لبنان واليمن وليبيا والعراق، ولا يختلف اثنان في أن معضلة المخدرات تتزاوج في آلية إدارتها مع استشراء ظاهرة الإرهاب والتطرف الديني والمذهبي وإن كلا منهما يغذي الآخر، وعلى ضوء ذلك جاء هذا الكتاب "المخدرات : معضلة صحية ... وأزمة اجتماعية" ملقيا الضوء على هذه المعضلة في أقطارنا العربية وهي تعيش مرحلة غير اعتيادية من تاريخها المعاصر.