رغم كل ما تعانيه منظمات المجتمع المدني في الحالة الفلسطينية من ظروف

استثنائية، ومعوقات وعقبات داخلية وخارجية، إلا أن أثرها واضح في المسيرة

الفلسطينية، فقد قدمت للشعب الفلسطيني خدمات لا يستهان بها في كافة

المجالات الاجتماعية منها والاقتصادية والثقافية وغير ذلك.

الكتاب يحاول أن يعالج مشكلة عدم قيام منظمات المجتمع المدني

الفلسطيني في لعب دورًا أساسيٍّا واضحًا في تدعيم قواعد السلم الأهلي في الأراضي

الفلسطينية وانهاء الانقسامات السياسية، وذلك على خلاف ما قدمته التجارب

التاريخية العالمية من أدوار بارزة لمنظمات المجتمع المدني في إرساء قواعد وأسس

السلم.

يتطرق في البداية إلى استعراض صيرورة الأحداث التي ساهمت في نشأة

منظمات المجتمع المدني، انطلاقًا من بداية ظهور المفهوم في العصور الإغريقية، مرورًا

بالتغيرات التي شهدها العالم وأثرت على تكوينات منظمات المجتمع المدني، لغاية

وصول هذا المفهوم إلى الدول العربية. ومن ثم يستعرض بالتفصيل واقع المجتمع

الفلسطيني في أهم الفترات التي مرت عليه، وكيف تأثر هذا المجتمع في الأحداث

المتعاقبة عليه، ويتطرق لدراسة الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، ان كانوا في

الشتات، أو في المخيمات الموجودة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة، أو

الفلسطينيون المتواجدون داخل كيان الاحتلال، أو الذين يعيشون اليوم في الضفة

والقطاع.

يقدم هذا الكتاب في فصوله تفصيلا لمنظمات المجتمع المدني في

الأراضي الفلسطينية، حيث يتطرق للحديث عن الأحزاب والتنظيمات

- 8 -

الفلسطينية، والتي تعتبر من أهم منظمات المجتمع المدني قاطبة، لعدة اعتبارات

أبرزها التداخل شبه الكامل للأحزاب السياسية بكل سبل الحياة العامة في فلسطين.

ثم يلقي الضوء على النقابات العمالية، التي تشكلت في فلسطين مبكرا،

ولعبت دورا كبيرا في عملية النضال ضد الاحتلال وفي بناء الدولة. ومن ثم يتطرق

للاتحادات الطلابية التي ينتظم الطلبة الفلسطينيون في صفوفها، ورغم تميزها

بدرجة عالية من التسييس إلا أنها من أبرز المنظمات الناشطة في المجتمع. كما أن

للمنظمات النسوية مكانة مهمة في هذا الكتاب، كون مؤسسات المرأة من أكثر

المؤسسات فاعلية في الساحة الفلسطينية رغم قلة تواجدها في القيادة وفي صنع

القرار. ويكمل استعراضه لأبرز المنظمات بتقديم شرح عن الجمعيات المهنية

والمنظمات التطوعية.

يستعرض الكتاب أيضا أبرز معيقات منظمات المجتمع والمشاكل الذي

تواجهه، حيث تعددت هذه المشكلات والمعيقات سواء من حيث أساسها أو طبيعتها

فمنها التي ارتبطت بنشأة المؤسسة وتأسيسها، ومنها ما كان نتيجة ظروف مرحلية

أحاطت بعمل هذه المؤسسات، ومنها ما كان جزء من المشاكل التي تواجه

مؤسسات المجتمع كافة ومن بينها منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، وفي هذا

الفصل سيتم التطرق إلى تلك المعيقات وتفصيلها إلى معيقات بنيوية في مؤسسات

المجتمع المدني المتعلقة بأساس ونشأة المؤسسات، ومعيقات خارجية مرتبطة

بالأحداث والمجريات المحيطة بهذه المؤسسات. وفي الختام يقدم الكتاب رؤية

تحليلية من وجهة نظر نشطاء منظمات المجتمع المدني ويستعرض أبرز النتائج

والتوصيات.