اهتم القانون الدولي الإنساني بضحايا النزاعات المسلحة الدولية والداخلية وكان لهذا الاهتمام صورتان "وقائية وعلاجية" ، فالوقائية تتمثل بحماية المدنيين وإبعادهم عن مناطق النزاع وتوفير المستلزمات الأساسية لهم، والعلاجية تتمثل في تعويضهم عن الأضرار التي أصابتهم جراء تلك النزاعات، إذ يلزم القانون الدولي الإنساني الأطراف المتحاربة على الامتثال لكل مبدأ أو قاعدة تحمي المدنيين في أوقات النزاع، ومن أهم هذه المبادئ هي مبدأ الالتزام بتقديم الإغاثة ومبدأ الموافقة على قبول ودخول عمليات الإغاثة في مناطق النزاع، وعلى ضوء ذلك تكمن فكرة هذه الدراسة في إزالة التعارض بين مبدأ الموافقة ومبدأ سيادة الدول واستقلالها وتمسكها بمبدأ عدم التدخل بالشؤون الداخلية، فضلا عن دراسة المعالجات التي وضعها المجتمع الدولي والمتمثلة بالأمم المتحدة في حال امتنعت الدولة عن الموافقة على عمليات الإغاثة، فضلا عن دور القضاء الدولي في إرغام الدولة الممتنعة على أساس خرقها لالتزام دولي أو على أساس قيام أفرادها بفعل مجرم دوليا ومن أجل اكتمال فكرة الكتاب ولكون هذه الدراسة اتسمت بالموضوعية خصصنا جزءا كبيرا منها لبحث حق الدولة في الامتناع عن الموافقة على عمليات الإغاثة إذا قدمت أسبابا معقولة ومقبولة دوليا، فضلا عن التطرق لصور الامتناع المشروع أو القانوني باعتبار إن الموافقة من عدمها حق تملكه الدولة اتجاه عروض الإغاثة التي تقدم من الدول الأخرى أو المنظمات الحيادية التي تعمل في المجال الإنساني