تعد هذه الرواية أهم أعمال "كامو" في السيرة الذاتية لأنها تستحضر طفولته وشبابه فيها، إذا كان جوهر العمل هو السيرة الذاتية، فالشكل ليس كذلك؛ إذ لا يتوافر ميثاق السيرة الذاتية فيها، هذه قصة شخص ثالث، والشخصيات لها أسماء وهمية، ويطلق على الأنا الأخرى لكامو اسم جاك كورميري، كان كورميري هو الاسم الأول لجدته أم أبيه، وهذه إشارة ضمنية إلى بعد السيرة الذاتية، إذا كتب كامو عمله القائم على سيرته الذاتية في شكل رواية ضمير الغائب، فإن ذلك، على وجه التحديد، لإعطائها بعد يتجاوز الخاص، "الإنسان الأول"، وهي رواية عن العودة، العودة إلى عالم الطفولة والشباب الجزائري، العودة إلى الأم، والبحث عن الأب الأصول، التاريخ الاستعماري وترجمة أسطورة الأصل، إذا ميزنا نوعين رئيسين من الأساطير، أساطير الأصل وأساطير المستقبل، فإن عمل كامو، بلا شك، يقع في الفئة الأولى، إذا اتفق كامو مع سارتر في ملاحظة أن الحاضر تهيمن عليه حرب الكل ضد الكل، فإنه يعتقد مع ذلك أن العودة ممكنة، وتدور أحداثها فى الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي حول أسرة بائسة تصارع الحياة بواقعية وشجاعة، ويركز المؤلف في هذه الرواية على التحول الذى يعيشه الطفل "جاك" الذى عليه أن يترك عالمه القديم كي يصبح رجل لأول مرة، يتحدث عن إمكانات السعادة في حياة الطفل وما منحته له الطبيعة من بهجة فيما بعد ، فلقد كانت الأم هي القدوة بالنسبة لحياة الطفل البائسة في الجزائر.