إن تناول القصيدة بشكلها المسموع أو المغنى يزيد من قيمتها الفنية والأدبية، من حيث وضوح المحتوى والتشديد على المعنى ورسوخ الكلمة لذلك يفضل أن تكون الأذن بحاستها السماعية هي الطريق إلى تلقي القصيدة، وبالتالي على الشعراء تقديم أشعارهم بالصوت والإلقاء لا أن يظل كلاما مكتوبا فقط، فالقصيدة الموزونة عندما يوضع لها لحن وتغنى بمصاحبة الموسيقى والإيقاع تصبح أغنية. والأغنية معروفة في التاريخ على الصعيد الاجتماعي أو على الصعيد القومي أو العاطفي أو الديني، سواء كانت أناشيد أو تراتيل لذلك يطلب من الشاعر أن ينشد قصيدته أو يرتلها، والأغنية الجميلة هي التي تكون ناجحة بأركانها الثلاثة: الكلمة المعبرة واللحن الطروب والصوت العذب.. وعلى ضوء ذلك نجد قصائد هذا الديوان "أنت نجوت نحن لا":

هو يختلج لكنه ميت

الطاحونة لا تضع له طحينا

تطحن آماله أحيانا وتهدمه حينا

لا تمروا به، نائم منذ الولادة

لا تسقه خمورا فالريح تهزه والنشوة تهلكه

مهشم منذ بدء التاريخ، صامت لا يبوح ولا يشتكي

أرضه قحط ودياره أطلال

لا يحلب ضرعا ولا ُّيجز أعشاب،

يرضع الدمع منذ المهد، ألبسوه السواد قبل اللحد

ولا استفاق حتى صار ساكن العدم

وإن حدث وتراقص فرقصة الألم

أو غنى فنحيب الفاقد

وإن قرر فقرار الندم..