كان القمر المتسق يمارس إدهاشه المبدع بتألق زاهٍ، بذات الطقوس المرحلية المعتادة غير الرتيبة، كأنَّه الذكر الوحيد بين بلايين إناث النجوم. وانتشرت الحباحب في فضاء القرية توزع وميضها كلآلئ منثورة على قطيفة سوداء، تُجمِّل إعتامها المخملي الوثير، امتص الليل ضجيج النهار الصاخب مسدلًا عليه حُجب السكون، وهمدت حركة المارة، وسكت همس الطير الساخر، وانقطعت في جوف البيوت أصوات الأنس، سوى صوت واحد أحرج ذاك السكون وأعلن النشاز، هو صوت مطرب الحفل الشادخ، الآتي من طرف القرية النائي، وهو يشقّ صمت الليل البهيم بلا هوادة، يحمل زخّاتِ الأغاني وفيض الأفراح السعيدة، (للقلب روافد أخرى) رواية غاية في المتعة الأدبية، تتخلل سطورها قصة حب رائعة بطلاها وجدي ورحاب، ذاقا من المر كؤوسا، ومن الحب العميق جرعات.