شهد العالم منذ السنوات الأخيرة تطورات اقتصادية على جانب كبير من الأهمية حيث اتجهت معظم دول العالم إلى تطبيق سياسات تحريرية في شتى الميادين الاقتصادية، أين أدت التحولات الاقتصادية التي عرفتها حقبة الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم وما صاحبها من ظهور اتجاه نحو عولمة المعاملات الاقتصادية والمتمثلة في عملية توسيع وتعميق المعاملات عبر الحدود بين الأفراد والمؤسسات والحكومات في دول مختلفة بطريقة تسهل من سرعة انتقال أثر التغيرات من مكان ما إلى باقي العالم بدرجات متفاوتة، والتي أدت إلى إعادة النظر في توجيه السياسات الاقتصادية الكلية، وتعتبر سياسة سعر الصرف من أهم أدوات السياسات الاقتصادية ذلك لكونها تشكل آلية فعالة تساهم في حماية الاقتصاد المحلي من الصدمات الداخلية والخارجية، تاريخيا عرف العالم نظم صرف مختلفة، وبطبيعة الحال كان لتلك الأنظمة انعكاساتها على الاقتصاد العالمي، حيث عرف النظام النقدي الدولي أزمات عنيفة على فترات متعاقبة أدت إلى إحداث آثار هامة على التوازن الاقتصادي العالمي عموماً وعلى اقتصاديات الدول النامية والناشئة بوجه خاص، الأمر الذي أفرز توجهات مختلفة نحو أنظمة أسعار الصرف الأكثر ملائمة والكفيلة بتحقيق الاستقرار الاقتصادي أين سادت عدة ترتيبات في أنظمة أسعار الصرف، في سياق النمو السريع لتدفقات رؤوس الأموال الدولية نحو الدول النامية والأسواق الناشئة وتوسيع دائرة شركائها التجاريين، تبرز أهمية مسالة اختيار نظام سعر الصرف الذي يحقق التناسب بين الاستقرار الداخلي والخارجي للبلد، وكذلك يسمح ببعض الحماية من مخاطر تغير الاتجاه المفاجئ في تدفقات رؤوس الأموال الساخنة، لأن الهدف النهائي للسياسة الاقتصادية وبالتالي لاختيار نظام سعر الصرف هو تحقيق نمو سريع أكثر استقرارًا، تأسيسا على ما تقدم ونظرا لأهمية موضوع الخوض في البدائل المتاحة أمام الدول النامية والناشئة في اختيارها لنظام سعر الصرف، وتماشيا مع التحولات التي تعرفها من خلال اندماجها المتنامي في الأسواق الدولية وسعيها إلى تحقيق النمو المستدام جاء هذا الكتاب في ستة فصول.