يسعى هذا الكتاب "سوسيولوجيا التماسك الاجتماعي في المجتمع العراقي" إلى إماطة اللثام عن واقع التماسك الاجتماعي في المجتمع العراقي بعد مرحلة تنظيم داعش الإرهابي لاسيما في المناطق الساخنة؛ إذ لا يخفى على المتتبعين لديناميكية المجتمع العراقي على الصعيد الاجتماعي والصعيد الاقتصادي والصعيد السياسي أنه مجتمع بارومتري الحركة، فيمر بمدة قصيرة من الاستقرار والانسجام ثم ما يبرح إلى أن يتعرض لبواعث دخيلة تمزق نسيجه الاجتماعي، وتصدع بناءه الاقتصادي، وتوهن نظامه السياسي والإداري، فينعكس ذلك على طبيعة التماسك الاجتماعي بداخله فبعد أن كان المجتمع العراقي ينعم نسبيا بالانسجام والاستقرار الاجتماعيين، والانتعاش الاقتصادي الناتج من ارتفاع أسعار النفط العالمية، بدأ يتعرض لخطر كبير ناتج عن هشاشة سلوك النظام السياسي أولا، واستفحال التنظيمات الإرهابية في المنطقة ثانيا التي من أبرزها ما بات يعرف بتنظيم داعش الإرهابي، الذي جر َّالمجتمع العراقي إلى مركز الصراع في المنطقة، لا سيما أنه أصبح تنظيما عابرا للحدود الجغرافية، فضلا عن ذلك أسس البنية "الأيديولوجية الخبيثة" من خلال بث الفكر المتطرف في فضاء كوني مفتوح، وعدم الاعتراف بأية حدود للجغرافيا السياسية، ليكون العراق مرتعا ومتنفسا للتنظيمات الإرهابية الأخرى التي زادت من المشهد تعقيدا، وتكمن أهمية هذه الدراسة وضرورتها في وضع القارئ أمام الأسباب والعوامل والتداعيات لأزمة داعش والنزوح، ووضع النتائج في أيدي صناع القرار والمسئولين عن رسم السياسات اللازمة لعودة الحياة الاجتماعية إلى الوضع الملائم سيما في المناطق التي شهدت نزاعات عنيفة.