يعيش الأدب الحديث مرحلة جديدة في النقد والإبداع تهز أركانه، وتبعث طاقاته، وتجري في عروقه ،دفعت به إلى مرابع خصبة، ومنابع، وافرة، ومراتع ناضرة، واكتسب آفاقا رحبة، وتحولات فكرية، وأساليب جديدة في اللغة والمنهج والتعبير والتناول، تنأى به عن القوالب القديمة ،والتعبيرات الجامدة، والجمل المحنطة، والخيالات القريبة المبتذلة فاللغة مع كثرة التداول والاستعمال تصاب بنوع من الشيخوخة والجمود، وتحيلها الألفة وكثرة الاستعمال إلى لغة يومية، تحد من تعاطيها مع المستجدات، وتضيق على تجارب المبدعين، وتقلل من قدرتها على التصوير، وتفقد كثيرا من عناصر الإثارة والإدهاش، ولهذا عمد الشعراء المعاصرون إلى التجديد في لغة الشعر، والبحث عن تقانة حديثة في التعبير الفني، قوامها استرفاد الحكايات الشعبية والأساطير، وعناصر التراث التاريخي والديني والأدبي، بما فيها من أحداث وشخصيات ومواقف ووقائع ونصوص، وإسقاطها على تجاربهم الشخصية، وعلى الواقع المعاصر في أبعاده الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية، بما يمنح هذا الواقع بعدا دلاليا عميقا، وتصويريا شامخا وهذه دراسة لحزمة من شعر الشاعر السعودي الفذ أحمد صالح الصالح، تتميز بمذاق وطعم ورائحة ولون متفرد، تجلب النظر، وتلفت الانتباه؛ لأنها أولا: صياغة صائغ يتقن فنه، ويبدع صوره، ويحكم إبداعه، وي ِّصفي خياله، تضلع في الصنعة، ومهر في اقتيادها، وتمكن من التراث، وتعايش مع اللغة.. حاذق لبق مثقف، مبطَّن بهموم وطنه العربي وأمته الإسلامية.. ولأنها ثانيا: تتناول أهم قضايا العرب والمسلمين في العصر الحديث.