يسعى القضاء إلى إصدار حكم جزائي صحيح وموافق للقانون مع مراعاةالضمانات الدستورية والقانونية, وتفادي ما يشوب الحكم في الصياغة من أمورتؤثر في تنفيذه, فيجب عندها اتّباع القواعد الإجرائية عند وقوع الجريمة لحينالانتهاء من إصدار الحكم فيها, إلَّا أن هنالك قضاء استثنائياً إلى جانب القضاءالعادي, ومن خلال الدراسة سنبيّن هل يسير القضاء الإستثنائي على خطى القضاءالعادي من حيث خضوعه لمبدأ الشرعية الجزائية الإجرائية والموضوعية, ولا يتحقّقذلك المبدأ إلّا من خلال خضوعه لنصوص القوانين، فضلاً عن وجود سلطة لهاالإختصاص والصلاحية التي تمكّنها من ردِّ الأحكام فيما إذا خرجت عن نطاقالقوانين أو أثَّرت على المصلحة العامة التي يُعنى المشرِّع بحفظها، وعلى أساس أنَّإقامة العدل لا يكون إلَّا بصياغة الأحكام الصحيحة من دون تعريضها إلى نقضٍ أوتجريحٍ بالحكم, فالقضاء الإستثنائي لا يدخل في نطاق المحاكم العادية.وتتمثَّل أهمية الدراسة في أنَّ استحداث المحاكم الإستثنائية يتم في الأصللمعالجة ظروف في زمن استثنائي يقتضي إتخاذ إجراءات سريعة ومؤقَّتة، ثم العودةإلى الأصل, أي إلى الوضع العادي على وفق القواعد العامة المعمول بها في الظروفالاعتيادية, وهذا الأمر يجري في الدول التي يكون فيها القول الفصل لمبدأ سيادةالقانون على الحاكم قبل المحكوم.وتكمن مُشكلة الدراسة محل البحث في استفهامات مفادها: هل تكونالمصلحة متغيرة بين الحكم الجزائي العادي والحكم الجزائي الإستثنائي؟ وما المقصدالتشريعي الذي انتهجه المشرِّع الجزائي في النص أو عدم النص على القضاء الجزائيالإستثنائي؟ وهل يختلف تشكيل محكمة القضاء العادي عن الإستثنائي؟ وما الأثرالمترتِّب على ذلك؟ وما الآليات المتّبعة في التشكيل بالنسبة إلى القضاءين العاديوالإستثنائي؟وهذا ما سنبني عليه دراستنا، متخذين من المنهج الوصفي والمنهج التحليليالمقارن فضلاً عن المنهج التطبيقي مساراً للبناء البحثي.