أدى التطور في مجال التكنولوجيا الحديثة إِلى ابتكار المجرمين لطرق مستحدثة في تنفيذ جرائمهم إذ استعانوا بالتقنية التي أفرزها التطور التكنولوجي, وبطبيعة الحال انعكس ذلك على الأدلة الناتجة عن الجرائم التي يرتكبونها من خلال استخدامهم على تلك التقنية, ولاشك أنَّ القاضي عندما يحكم في القضية المعروضة أمامه عليه أنْ يستند إِلى الأدلة المتوفرة ضد المتهم لأن الدليل هو السبيل الوحيد في الوصول إِلى الحقيقة ليأخذ المتهم جزاءه العادل على ما أقترفه ضد المتضرر من الجريمة, ونظراً لصعوبة الوصول إِلى الأدلة المترتبة عن الجرائم الالكترونية لأنها من الأدلة غير المرئية فضلاً عن جملة من صعوبات الاخرى التي سنفصلها في هذه الرسالة مما يتوجب البحث في مشكلة الأدلة الالكترونية.لذا تناولنا في هذه الرسالة هذا الموضوع الذي يعد من موضوعات القانون الجنائي ألا وهو الدليل الرقمي وحجيته في الإثبات الجنائي وذلك لعلاقة هذا الدليل في ادانة المتهم أو براءته, فضلاً عن أنَّ الدليل الرقمي من الأدلة التي لم تعالجها معظم التشريعات في العالم بالرغم من ظهورها وانتشارها على نطاق واسع, اذ لا يوجد في الوقت الحاضر في هذا العالم وأصبح لا يمكن لأي شخص أنْ يستغني عن استخدام الأجهزة التقنية الحديثة وهذا يعني أنَّ كل فرد من افراد المجتمع يتعامل مع الأدلة الرقمية دون أنْ يكون له علم بذلك.لقد عالجت هذه الرسالة موضوع الدليل الرقمي في ثلاثة فصول, خصص الفصل الأول لماهية الاثبات الجنائي وماهية الدليل الرقمي, وفي الفصل الثاني تم بحث اجراءات جمع الأدلة الرقمية, وكان الفصل الثالث لقيمة الدليل الرقمي في نطاق الإثبات الجنائي, وفي النهاية توصل الباحث إِلى جملة من النتائج منها أنْه يمكن الاستناد على الأدلة الرقمية في اثبات الجريمة الالكترونية والاعتماد عليها في ادانة المتهم وتوقيع الجزاء العادل بحقه, اما أهم المقترحات التي نقدمها في هذا الشأن ضرورة قيام المشرع العراقي اصدار تشريع خاص بالجرائم الالكترونية ينظم فيها مدى حجية الأدلة الناتجة عن هذه الجرائم ومنها الأدلة الرقمية تطبيقاً لمبدأ الشرعية الجنائية ولكي لا تواجه السلطة القضائية صعوبات في كيفية التعامل مع هذه الجرائم.