يُمثل الأمن البيئي أحد أهم مواضيع القانون الدولي العام والقانوني البيئي بشكل خاص كونه من القضايا العالمية التي حظيت بأهتمام وحماية المجتمع الدولي منذ القدم ، فباتت البيئة بمجملها محل إهتمام الدراسات القانونية في محاولة لوضع نظام بيئي عالمي يضمن عدم استنزاف البيئة والموارد الطبيعية، وحماية صحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى. لقد حظي الأمن البيئي بأهتمام رجال القانون في العصر الحديث، وذلك في إطار القواعد القانونية التي تحكم المجتمع وتنظم ما يدور فيه من علاقات، فتباينت تشريعات الدول في حماية البيئة من نظام قانوني إلى آخر، إذ أدت الأخطار والتحديات المحدقة بالبيئة إلى إبراز الدور الذي يمكن أن يؤديه القانونان الوطني والدولي على حد سواء في مواجهة مشاكل بيئة الإنسان، وإيجاد الحلول الملائمة لها لإن تدهور الموارد الطبيعية ونضوبها أصبح يشكل تهديداً خطيراً لأمن الدول وهو يمثل تهديداً مباشراً لقيمة الحياة وموارد الإنسان.ومما لا شك فيه إن إدراك الدول لعلاقة البيئة بالإنسان كان له الفضل في بيان العلاقة مابين الأمن والبيئة في إطار القانون الدولي البيئي بشكل خاص ، فمنذ عام 1972 ومع ظهور إعلان استوكهولم بدأت البحوث والدراسات القانونية تسعى لوضع قواعد قانونية لحماية البيئة وأصبحت لاحقاً تُمثل قواعد لتحقيق الأمن البيئي الدولي بعد إثبات العلاقة التي تؤكد إن التدهور البيئي يهدد أمن الإنسان وغذائه ومائه وديمومة حياته في كل الدول لهذا كانت الحاجة من الأهمية لبيان مفهوم الأمن البيئي في إطار القانون الدولي العام والبيئي. إن التطور الذي فرضته المتغيرات العالمية على الأمن الدولي جعل حماية البيئة محط اهتمام بل إنها أصبحت في مقدمة الأجندات الأمنية وبوتيرة متسارعة تعمل جميعها إلى تطوير القانون الدولي العام من خلال الاعتماد على نصوص القانون الدولي البيئي والقانون الدولي العام التي تتعلق أحكامها بالتعاون والوقاية، وكذلك منع الاعتداء عليها في زمن النزاعات المسلحة، فالإنسان مثلما يحتاج الى عناصر البقاء يحتاج الى الشعور بالأمن، لكي تستمر حياته ويضمن بيئة سليمة وصحية له وللإجيال القادمة من خلال تفعيل دور المنظمات الدولية لتدعيم الأمن البيئي الدولي من جهة، وتعزيز دور الإتفاقيات الدولية البيئية لضمان تحقق الأمن البيئي في إطار القانون الدولي العام، ولأن البيئة كانت ولاتزال تشكل تراثاً مشتركاً للإنسانية جمعاء وحمايتها تعني حماية الأمن الدولي. بناءً على ماتقدم فأننا سوف نتحدث بالفصل الأول عن الإطار المفاهيمي للأمن البيئي الدولي وتطوره في القانون الدولي العام ، وتمييزه عما يشتبه به من مفاهيم وبيان أنواعه وخصائصه وعلاقته بفروع القانون الدولي الأخرى، أما الفصل الثاني فهو لبيان ظاهرة التغيرات المناخية وآثارها الخطيرة على الأمن الدولي وجهود منظمة الأمم المتحدة لمجابهة تلك المخاطر الأمنية التي باتت محط إهتمام مجلس الأمن في السنوات الأخيرة الماضية، أما الفصل الثالث والأخير من الدراسة فسيكون مخصصاً لظاهرتي التصحر والتنوع البيولوجي وآثارهما على الأمن البيئي الدولي من النواحي الأمنية والأقتصادية والأجتماعية وفي نهاية الفصل سنبين في مبحث مستقل قواعد تحقق المسؤولية الدولية في إطار الأمن البيئي الدولي