ملحمة في سبعة مجلدات

فاتحة:
التقيت بتوفيق بعلي في نڠوسة، إحدى
بوابات الجنوب الكبير، ما وراء الكثبان النحاسية لـ دوخارا، في إقليم
ملوك توڤورت. كم كل هذا بعيد الآن، ولكن لا يزال حقيقة مذهلة ! في تلك
الفترة من السجلات التي تلت، كنت أقوم بأداء خدمتي العسكرية ككاتب رئيسي
في محكمة الحامية، كرة جلدية بلون كاكي على الأرجح، في مملكة الفراعنة
العصرين. على الرغم من أنني لم أضطر قط إلى توقيع أي حكم من أي نوع كان،
لقول الحقيقة، كانت القيادة تنظر لي، أنا و العسكريين الاحتياطيين
الآخرين، كموظفين في الأرشيف، على الأكثر. ماذا يريد الشعب ؟ من المعروف
أن رجال الاحتياط في ذروة التثبيط السلبي. لا يهتمون بأخذهم كمراتب القش
في مدة تجنيدهم. ولكن في ساعة نهاية الواجب العسكري، سوف يندفعون في
اتجاه جدران الثكنات، رافعين الصوت عاليا : "باسطه !"، وليس بأي حال من
الأحوال، "آستا لا فيستا ! ". من ناحية أخرى، لم يكن بإمكان قادتنا أن
يتخيلوا، ولو لوقت امض الجفن، أن علينا أيضًا واجب الذاكرة الحقيقية
العادلة نحو للأجيال القادمة. الغير المرنة، التي لا تقهر، غير قابلة
للاختزال، بلا كلل. ومن هنا أتى للظهور هذا العمل، الذي يتدفق بطريقة ما
من مصدره. قبل إعداد المشهد، أيها القارئ العزيز، من الضروري التأكيد
على أن هذه الملحمة ليست دليلًا للتجنيد. ولا العكس ! يتعين على الجميع
قراءتها بوضوح وتفكير نقدي. أو الابتعاد الجذري عنها. في الحقيقة، يمكن
أن تحدث هذه القصة في أي مكان تعمل فيه القوانين لفائدة الطغاة. إنني لن
أذكر في أي وقت من الأوقات اسم الدولة التي تحدث فيها الحقائق. لأنه من
وجهة نظري، لسبب تصرفاتهم، فإن أغلبية الممثلين اللذين يلعبون الدور
السلبي للأشرار كقادة يتحملون مسؤوليات عامة، أو بصفتهم منفذين لواجبات
دنيئة، لا يستطيعون أبدا المطالبة شرعياً شرف جنسية البلد. و من زاوية
أخرى، لكل الذهب في العالم، رأيت أن لم أعطي إطارً بلد خيالي لكتاباتي.
إذا قررت تجنب كل القابلية للتأثر، كان بإمكاني اختيار أرض وهمية، تسمى
على سبيل المثال "أوتوبيا"، على خط أرض غير مستكشفة، وتشويه سمعة أشخا ص
مجهولين. بعد تهجيرهم من ترابهم، كانت رسالتي قد فقدت بكل تأكيد أصالتها
وتنفسها. هذا هو السبب في أن الأسماء التاريخية للأماكن في أعماق البلاد
التي أحبها قد استعادت هنا نبلها. لحسن الحظ، خلال هذه الرواية، أعتقد
أنني قد رسمت على الصفحات أشياء أكثر جمالا من الهراء. حاولت تتبع مسارات
الممثلين الرئيسيين، النساء والرجال، الذين سلكوا نفس المسار في وقت من
حياتهم. و في موازاة ذلك، اسمحوا لي أن أتكشف، دون خطة مخزية للتضليل،
خرافة الأحداث السياسية الراهنة في هذه المنطقة من العالم، على خلفية قصة
حب رائعة للبطل الرئيسي لهذه الملحمة، بلا شك طفل شرف من هذا الشعب في
حياته اليومية. أما بعد، بدأ كل شيء عندما أرسلت إلينا الإدارة العسكرية
أوامر الالتحاق بالثكنات في سن الرشد، أو بعد أربع أو خمس سنوات لأولئك
الذين تابعوا، مثلي، التعليم العالي. (...)

السيرة الذاتية للمؤلف، أهداها أحد أصدقائه، مفقود الآن
"ولد محمد جمال القادري عام 1953. عالم سياسي من حيث التدريب، بدأ الكتابة مبكرًا، متأخرًا في النشر، بسبب الذوق والطلب على الجودة. عمله الروائي موهوب، ولكنه قاسٍ وحازم. فهو يصور بطريقة ملفتة للنظر واقع تقلبات حال المثقف في وطنه، "زمنه الأدبي" يترك لدى القارئ انطباعا غريبا بالمدة، يأسرك ويبقيك في حالة تشويق حتى الجملة الأخيرة".

رمزية المجلد السادس:
(...)
يصعد توفيق بعلي في ملحقة القارب مع عائلته الصغيرة ويقترب من الشاطئ باتجاه الخليج الصغير الوحيد الذي يسمح بالوصول إلى الجزيرة.
يضع قدمه اليمنى على منصة الهبوط، يتجه نحو سعة البحر، ويقول :
"سبحان الله رب العالمين".
(...)
______________
«في تين - ن - واهر المجلد 6 «أقصى رصيف
، الفصل 27