لقد أيقنت بأن على المرء، أن يتبع طريق المعرفة كي يحظى بنور الحكمة التي تُبدد ظلمة الغياب، وتُضيء إهاب الحضور، ويجهد لهدم حدود المُجانبة بينه وبين الله. وتذكرت قول المفكر "جورج لوكاتش":" التراجيديا لعبة الإنسان مع قدره، لعبة الله، فهو الشاهد فيها، لكنه ليس إلا مُشاهداً". فتابعت البحث في تجليات الكشف النوراني تبديد ظلمة ما نحن جاهلون به، ومحاولة بيان إشكالية القيمي بين الجوهر الثابت الخفي، والمتحوّل المُشخّص في سائر مجالي التنوير العقلاني. وها أنذا أطرح أفكاراً، آمل أن تحظى بتملّك حقائق المعرفة الجمالية التي أبتغي، ويستفيد المرء منها حكمة المعرفة، وجمال القيمة، وجلال اليقين. لقد لفتت انتباهي أثناء البحث مقولة الشيخ الأكبر "مُحي الدين بن عربي"، وهو أحد أهم أعلام الفكر الصوفي الشرقي و"الغنوصي" الغربي، قال فيها: "إن الله عين نفسه، وإن كلّ ما في الكون مجالي ومظاهر الله"، فآثرت أن أتناول هذه الرؤية المُثقلة بالرمز والدلالة المعانية، وأن أتخذ منها مقدمة منطقية للولوج في بحثنا المُعمّق. وهنا، أسمح لنفسي بأن أتجاسر على طرح قضية لعلها من أعقد أنماط مجالي التنوير في أباديع العقل الآدمي. وأدق القول: إن ما دفعني إلى التمعّن، هو ما استبطنته المقولة في مظاناتها من تجلّ معرفي رفيع من طرف، وردود آراء بعض المتفقهنين المعارضين لها من طرف آخر. وقد آثرت الإيجاز في طرح ما وقع تحت يدي من لِمام تاريخ فلسفة تجليات القيمي التنويري.