حظي الاختصاص القضائي للشركات متعددة الجنسيات في الآونة الأخيرة بشيء من الاهتمام، لما لهُ من أهمية في الحياة العملية إذ يعد موضوعاً جوهرياً مهماً حيث يأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام لأنه يتعلق بالاقتصاد العالمي الذي تسيرهُ هذه الشركات، كما أن دور هذه الشركات العملاقة يؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الاقتصاد العالمي، حيث نرى مقدار الأموال الهائلة التي تتعامل بها.وتتجلى لنا بصورة واضحة أهمية هذا الموضوع لما له من ارتباط وثيق بمصالح الدول والشركات، علماً أن هذه الشركات لم تحظى بإجماع قانوني لتوصيفها بشكل حاسم وواضح كما هو الحال بالنسبة لباقي أنواع الشركات المتعارف عليها، لأن هذا النوع من الشركات يتألف من شركة أم رئيسية تحمل جنسية دولة معينة، وهناك شركات وليدة تابعة لها تحمل جنسيات أخرى غير جنسية الشركة الأم، مما يجعل توصيف الاختصاص القضائي أمر لا يقطع به الكثير ممن تناول هذا الموضوع، حيث يطغى الجانب الاقتصادي على توصيف هذا النوع من الشركات على الجانب القانوني، ولذا فهو موضوع واعد ممكن أن يتناول فيه الكثير للوصول الى تشخيص قانوني سليم لهذا النوع من الشركات، الذي يؤسس عليه الاختصاص القضائي لها.وما كتابتي في هذا الموضوع إلا محاولة لاستشرافه وتوصيفه لتمكين من يبحث فيه مستقبلاً أن يجد أرضية حقيقية له، خصوصاً أن التأثير الاقتصادي لهذا النوع من الشركات متعاظم على حياة شعوب العالم النامي بصورة عامة والشعوب العربية بصورة خاصة، ولذلك فأن تحديد جنسية وشخصية الشركة يجعل الوصول الى الاختصاص القضائي لها أسهل وأيسر.لقد قسمت هذه الدراسة إلى مقدمة وفصل تمهيدي وفصلين وخاتمة، وتناولت في الفصل التمهيدي التعريف بالاختصاص القضائي الدولي وماهية هذا النوع من الشركات، أما الفصل الأول فقد بحثت فيه الاختصاص القضائي الوجوبي والطارئ بصورة عامة وتطبيق هذا الاختصاص على هذا النوع من الشركات، وبعد ذلك تناولت الاثار المتبادلة بين الاختصاصين القضائي والتشريعي وموانع تطبيق القانون الأجنبي في الفصل الثاني، وأخيراً اختتمت هذه الرسالة بمجموعة من الاستنتاجات والتوصيات.أتمنى من الله تعالى ان نكون قد وفقت بتقديم شيء نافع في هذا المجال، والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله ورضا الله عن أصحابه انه نعم المولى ونعم النصير.