للمتدبر والباحث في سير العلاقات الدولية يكاد يرى النظام الدولي وكأنه رقعة شطرنج كبيرة بين اللاعبين الروسي وحلفاؤه والأمريكي وحلفاؤه ، علماً منذ نشأة العلاقات الدولية إلى اليوم برزت هنالك أكثر من قوى دولية مؤثرة وفاعلة في موازين ومجريات النظام الدولي ، لكن العلاقات الروسية - الغربية وتحديداً الأمريكية ، كانت هي الأبرز بين هذه العلاقات ، سواء المتناغمة منها أو المختلفة ، حيث شهدت كثير من التحولات أبرزها التحول من الحرب الباردة إلى السلام البارد . نقطة التحول بين الغرب والكرملين أتت من خلال تشكُل نسق سياسي عقائدي جديد للرئاسة الروسية ، والتي تمثلت بظهور رجل المخابرات الروسية فلاديمير بوتين للساحة الرئاسية ، القيصر الجديد المتعطش لاستلام مقاليد السلطة . حيث أعاد ترتيب البيت الداخلي وإصلاحه أولًا من الفساد ، ثم رسم استراتيجية جديدة للسياسة الخارجية الروسية للحد من هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على المسرح الدولي ، وعلى ذلك أُعيد صياغة نظام تعددية الأقطاب ، وتوزيع مراكز القوى عالمياً ، وفرض "روسيا البوتينه" جزءاً مهماً منه سياسياً ، وعسكرياً ، واقتصادياً. ومن هنا جاء كتاب " عودة فلاديمير بوتين .. والتحديات الروسية الغربية " ليقدم تفسيراً علمياً منذ بداية التحولات التاريخية في العلاقات الروسية الغربية، وللتعرف أيضاً على أهم محددات ومرتكزات العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية بينهما. من خلال تحليل أبرز تحولات العلاقات الروسية الأمريكية تحديداً في الولاية الثالثة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، تجاه فترة مليئة بالأحداث الدولية المُتخمه ، حيث يوضح الكتاب في طياته عن كيفية استخدام كل من روسيا والغرب لأدواتهم السياسية ، والعسكرية ، والاقتصادية ، تجاه هذه الأحداث الملتهبة ، والتي كان أبرزها ما يُسمى بثورات الربيع العربي ، والازمة الأوكرانية (القرم) ، والملف النووي الإيراني ، واخرها وأخطرها الحرب الروسية الأوكرانية التي انعكست نتائجها على العالم أجمع إلى الان .