شكّل الفيلسوف والمفكر العربي الدكتور طه عبد الرحمن تَوَجُّهاً استِثنائِيًّا فريدًا في قراءة التراث الإسلامي العربي وتقويم نصوصه، ونَهَج منهجًا مُختَلفًا في التَّعاطي مع مضامينه، قام على رُؤيَةٍ تَكامُليّة بِمنهجيَّة أَصِيلة. وتُوجِب منهجية الرجل أن النَّظر في التراث وتقويمه مضامينه، لا يمكن أن يَتَأتَّى لصاحبه إلا بعد أن يَفقَه المنهجية التّكامُليّة التي مَيَّزت علومه، وتَفرَّدت بها معارفه عن باقي المجالات الثقافية الأخرى. وهي المنهجية التي مَكَّنت من تَقدَّمَنا من العلماء والنُّظار المسلمين من أن يُحقِّقوا من خلالها عنصر الإبداع والتَّألُّق في الفكر والمعرفة من داخل المجال التداولي الإسلامي العربي. وهي المنهجية التي ستوصلنا إلى التَّحرر الفكري، واستقلالية العقل العربي، وإبداع أُنموذج وِفق الخصوصية التداولية للثقافة الإسلامية العربية الأصلية. وعليه، فقد كانت الأَهمِّية القُصوى لهذا الكتاب تَنبع من جانب رَاهِنِيَّة الدَّرس الفكري للفيلسوف طه عبد الرحمن، من حيث إسهامه الكبير والوازن في بَلورة رُؤية جديدة في الساحة الفكرية العربية والدولية، ومحاولته إنجاز وإنتاج أُنموذج فكري مُبدِع ومُتجدّد، وذلك في أربعة فصول.