جاد الزمان ولم يضن على صاحب هذا الكتاب بوصال الهجرة، فملكتْ قياده ولم تخنه في المكوث فأبتلي بقطيعة رحم البقاء وبلزوم الترحل من غير أن يقول (مه)، بل راح يئِن من جلدها له في دراسات نقدية تأرجحت كتأرجح أنينه بين أصفاد حب الوطن مستفسرا الطرق عنه قائلا:" أين أنا؟ ومهاجرا مثل طائر (العنقاء) ومن دون أن تكون له مواسم للهجرة جال بين الزمان والمكان فأعمل التنقل في جنبات القصيدة العربية حينما بدأ بجغرافية القصيدة الجاهلية، محاولا نقلها إلى مديات مرئية أبعد من مجرد الخيال المحض، ثم ثنى بكبير شعراء الصعلكة عروة بن الورد، ومضى إلى أبي العلاء المعري ليعقد موازنة؛ لبيان أثره في رباعيات الشاعر العراقي المبدع علي الشرقي ومزدوجاته، واستكمل تجربة التنقل بإيليا أبي ماضي فانمازت سطور الفصل الأول بغير ما أعتيد عليه وقالت الفصول الأخرى (آمين) ...إذا ما هصرت فنون التأرجح فيها فإنك ستجني قطوفا دانية بتذوقها ستدرك - إن أصبحتَ وإن أمسيت عبر الزمن- أن هذا الكتاب وعاء وضع الكاتب فيه روحه المتنقلة بين الحسرات والسطور فصار الكتاب وصاحبه طرفي الأرجوحة