طوال فترة غربتها، لم تتوقّف سارة للحظة عن التفكير بالوطن وبأهلها وبعطر الأرض التي تعشقها. كانت تتحيّن الفرصة للعودة إلى لبنان بالرغم من الصراعات التي تعصف به، ومع إدراكها لحجم الصعوبات التي ستواجهها، سواء على الصعيد العائلي أو المهني أو الاجتماعي وكذلك الوطني. وها قد أتت الفرصة ولن تفوّتها. كان حنينها أقوى من كل الإغراءات المادية والمهنية، وخشيتها أن يكبر ولداها بعيداً عن الأهل والوطن كانت تتعاظم مع الوقت. حمَلت أحلامها وطموحاتها في حقيبة وعادت، تاركةً كل شيء. المال والعمل والمنصب والرفاهية. اصطدمت بحجم منظومة الفساد التي تغلغلت في كل المؤسسات، وبالعقلية الذكورية الفائضة. أقرب الناس إليها خذلوها. راهنت على أشخاص وقوى لإحداث تغيير ما. الكل سقط في حفرة الفساد والتبعية. راهنت على الشعب الذي ثار في وجه الظلم والفساد، لكنّ الجهل انتصر. قصة الحب التي عاشتها لم تستمرّ طويلاً. حجم القهر والظلم الممارَس على الجميع، خاصة النساء، شلّ قدرتها على التفكير. ماذا ستفعل؟ هل تصمد وتقاوم أم تستسلم وترحل من جديد؟ هذا ما تكشفه لنا رواية "بحثاً عن وطن" للإعلامية لينا زهرالدين التي ضمّنتها الكثير من الحب والحنين والأمل وكذلك القهر والخذلان واليأس. رواية واقعية من وحي الأحداث والأجواء التي عاشها اللبنانيون على مدى نحو أربعة عقود.