سترى ما أتخيله : قصص

ebook

By سعد هادي

cover image of سترى ما أتخيله : قصص

Sign up to save your library

With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.

   Not today

Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Download Libby on the App Store Download Libby on Google Play

Search for a digital library with this title

Title found at these libraries:

Library Name Distance
Loading...

وقفتُ على الرصيفِ في منتصف «شارع بوليفاردي»، لا أدري إلى أين أتجه، لم أرَ أحداً في الشارعِ المظلمِ لأسأله عن الوقت، لا يشبه هذا الظلام عتمةَ أول الليلِ ولا آخره، لا يشبه النهارات الكئيبة، التي تتوارى شمسها خلف الغيوم، يحدثُ أحياناً أثناء هطول الثلجِ، أن يشحب ضوءُ النهارِ، أو يكاد يختفي، حتى أن بياضَ الثلجِ يبدو معتماً، لكن هذا الظلام مختلفٌ تماماً، لا يفصح عمّا يختزنه، تردد عويلُ بوق تنبيه، ثم رأيتُ عربةَ ترامٍ ذات لونٍ أخضر، تستدير من جهةِ الميناءِ، كانت تسير ببطءٍ، مصابيحها مطفأة، وعلى جانبيها رُسمت وجوه نساءٍ، ذوات أعينٍ واسعةٍ وشفاهٍ عريضةٍ، مع كؤوسٍ وزجاجات نبيذ، توقَّفتْ للحظاتٍ وفُتحتْ أبوابها، فلم ينزل منها أحد، حين تحركتْ ثانيةً وتردد صريرُ عجلاتها، قلت لنفسي: لِمَ لم أفكّر بصعودها؟ لِمَ لم أذهب إلى مكانٍ آخر؟ لا يهم إلى أين، ربما سأجد مطعماً مفتوحاً في الطريق، ربما سأصادف شخصاً يحملُ طعاماً؟ لكن عربة الترام توارت، وها أنا وحيدٌ مرةً أخرى، بعد بضعِ خطواتٍ رأيتُ على الجانبِ الآخر من الشارعِ لافتةً ضوئيةً عريضةً، كُتب عليها «مطعم الحلّاق الصيني في برشلونة»، لم أصدِّق عينيَّ، حدَّقتُ في الكلمات وأعدتُ قراءتها، محاولاً أن أفهم كيف حدثَ هذا التشابه اللامعقول، بين اسمِ المطعمِ وعنوانِ قصةٍ أفكِّرُ بكتابتها، إنه نفسه بلا تغيير، كأن أحدهم قرأ أفكاري وانتزعه منها.

سترى ما أتخيله : قصص