تمدد مزارع مسن محتضرًا في سريره. امتلأ هواء غرفته في الطابق العلوي برائحة كريهة. وبينما يهبط الغسق، رقد ذلك المزارع محدقًا من أعماق فراشه المصنوع من القش، يغطيه لحاف رمادي متسخ، وتمسك أصابعه النحيلة الداكنة بذلك اللحاف. راح يتأمل أصابعه للحظة، ثم فكر: «ها أنا ذا أبدأ الاستعداد للرحلة». ظل يحدق بعينيه اللامعتين فوق جلد خديه الأصفر المضطرب، ولم يهتز جبينه أو فمه الأسود الغائر. رأى المزارع المسن سريره الطويل، وخلفه الصندوق الأصفر عليه تمثال لمريم العذراء وبعض الأطباق، والحوائط الملطخة بالأزرق وبقع الملح، وبلاط الأرضية الأحمر الذي لم تجف أركانه. كان قد مر زمن طويل منذ أن كانت له زوجة، ومنذ أن ترك أبناؤه جميعهم البيت. الآن، تزوره امرأة عجوز من حين لأخر، فكر فيها حين نظر إلى الصندوق ثم إلى الكرسي. ردد لنفسه: «الكرسي ليس في مكانه»، ثم رأى ضوء المساء يتجمع في ثنايا قماش الكرسي، وأحس ببعض البرودة حول كتفيه. أين ذهبت تلك المرأة؟ لم يبذل أي مجهود لكي يُحكم اللحاف حوله، فقد كان يعرف أنه في فراش الموت