شِرع التوحيد الكبرى في القرآن العظيم [الحنيفية ـ التوراة ـ الإنجيل ـ القرآن] دراسة تحليلية مقارنة

ebook

By الأستاذ الدكتور بسيوني الخولي

cover image of شِرع التوحيد الكبرى في القرآن العظيم [الحنيفية ـ التوراة ـ الإنجيل ـ القرآن] دراسة تحليلية مقارنة

Sign up to save your library

With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.

   Not today

Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Download Libby on the App Store Download Libby on Google Play

Search for a digital library with this title

Title found at these libraries:

Library Name Distance
Loading...
يقول الإله الموجود أزلاً الباقي أبداً : أنا الخالق ،أنا القيوم ،أنا القابض أنا المعيد ،فهل لأي من المخلوقات ،ممن يؤمن بوجود الله ويسلم له أو لا يؤمن يوجوده وكفر به ،أن يعارض ذلك ،أو يملك الرد بمنطق مقنع ومقبول على قول الإله هذا ؟! لقد فعل الإله ما يقوله أمام كل المخلوقات جميعاً وأقواله تترى وأفعاله تتوالى في تجليات يعيشها ويتفاعل معها كل المخلوقات في الكون فهل من مدكر ؟!
الإله إذاً يتصرف في الكون بكل ما فيه وفق مشيئته وحسب إرادته لأنه خلقه وملكه وملكوته ،فمن يستطع من المخلوقات أن يمتنع عن الإله ،أو يعز عليه ،أو يعجزه ،أو يعترض على أقواله ،أو يتصدى لأفعاله ويتأبّى عليها ،فليفعل !! إنه الإله العظيم ،مَن يمكن أن يقول مثل أقواله من خلقه فليقل ! في قوله حق ما مضى وعلم الشهادة وحقيق ما هو آت ،ومن يستطع أن يفعل مثل أفعاله من خلقه فليفعل ؟! إنه المتفرد في أقواله وأفعاله ،أبلغ من كل من قال وفقه من خلقه وأبان ،وأقدر وأقوى من كافة مخلوقاته مجتمعة منذ بدء الخليقة وحتى آخر الزمان !!
وقد خلق الإله القيوم العظيم صنوفاً من المخلوقات لا يعلمها ولا يحصيها إلا هو منها الجامد الذي لا حياة فيه ،ومنها الحي عجيب الشأن ،ومنها الهائل العظيم شديد البأس ،ومنها الدقيق الرقيق الذي قد لا تراه العين ومنها الجلي الواضح للعيان ،ومنها الخفي الذي لا يراه الإنسان ،ومنها الذي لا عقل ولا إرادة لديه ومنها المتمتع بالعقل والإرادة معاً ،إلى غير ذلك من صنوف المخلوقات وضروب الموجودات .
إنه الإله العظيم ،تجمعت له صفات الألوهية ،التي يستيقنها من أراد وتفرض تجلياتها على من استعمى واستغبى ،وتُؤثِر أقواله الألباب بحقها وحقيقها وبيانها وتُعجِز أفعاله المخلوقات حية وجامدة ،عاقلة وغير عاقلة ،لتدحض فِرى وشبهات الكافرين والملحدين والمشركين والجاهلين والغلواء .
إنه الإله الذي له كل من في الوجود شاء أم أبى ،ويحيط بكل ما في الكون أراد أم لم يرد ،لا يُعييه حفظ الكون الهائل ،ولا يؤده ولا يُنقص من قدره العظيم كفر الكافر وعصيان العاصي ،ولا يضيف إلى خلقه ،ولا يُفرحه إيمان المؤمن وطاعة الطائع من كفر به وضل ضلالاً بعيداً هو قادر على هديه ،ومن ظل على كفره لن يُعجزه في الأرض ولا في السماء ،يردّ على الكافر بآياته وآلائه ،ويفحم المشرك والملحد بجبروته وقوته ووحدانيته من كفر به وأشرك وألحد سيأتيه يوم القيامة فرداً وعندها سيعاينه يقيناً ويحاججه لساناً وتنطق كل أعضائه وأبعاضه ،فيذوب خجلاً وحياءً وتذهب نفسه حسرات ،ويقول يا ليتني كنت تراباً !! ولكن هيهات هيهات !!
خلق من الأكوان ما لا نعلم ،وخلق فيها من المخلوقات ما لا يخطر ببالنا في كونه الإلهي القدسي يدبر شئون كافة الأكوان ،ويصرّف أمور مخلوقاتها من دقائق وجِسام ،لم يخبرنا إلا بما أراد ،واحتفظ لديه بعلم وأسرار كافة تفاصيل الأكوان خلقه دائم لا ينتهي ،وإيجاده مستمر لا يتوقف وجعله للخلق وتشكيله للموجودات لا يحتد ،فكل يوم هو في شأن إنه الإله !!
لقد كان الإنسان هو أحد تلك الصنوف التي أبدعها الخالق العظيم وكانت تفاعلات ذلك المخلوق الكثيفة والمتنوعة مع مفردات الكون حرية بالضبط والتوجيه بما يحافظ على صلاح الكون .
وبما يحفظ العلاقات والتفاعلات بين المخلوقات وبين عناصر الوجود عند وضعها المثالي ،ومن ثم كان التشريع الإلهي هو الحتمية الواجبة لمباشرة كل هذه المهام .
ومن ثم كانت إرادة الخالق العظيم ببث شِرعه إلى أهم مخلوق عاقل ذي إرادة في هذا الكون ألا وهو الإنسان ليتعرف على خالقه ورازقه وقيوم كونه ولتستوي وتستقيم علاقاته وتفاعلاته مع أقرانه ومع كافة المخلوقات ومع عناصر الوجود .
إن الشِرعة هي تجلي لإرادة ومشيئة الإله الخالق صاغها في أوامر ونواهي وفرائض وأحكام مجللة بحكم بليغة وسِيَر الماضين ومفاتح غيب المستقبل ألقاها على قوم من عباده أو صنف من مخلوقاته لتنظيم حياتهم وترتيب أفعالهم وضبط سلوكاتهم .
وكل الشِرع التي جاءت من عند الإله الخالق العظيم يجمع بينها قاسم مشترك فيما تحويه من قيم وفضائل وأحكام ،أول وأهم تلك القواسم المشتركة على الإطلاق هو الاعتقاد في أن الله واحد لا شريك له في ملكه ولانظير ولا ند ولا مثيل له في الكون ،ولا معقب ولا معاون له في أقواله وأفعاله .
إن هذا الاعتقاد هو أساس الوجود ،وهو المرتكز الذي يرتكز عليه الكون وبدونه لا وجود ولا كون ،ومن القواسم المشتركة كذلك...
شِرع التوحيد الكبرى في القرآن العظيم [الحنيفية ـ التوراة ـ الإنجيل ـ القرآن] دراسة تحليلية مقارنة