
Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
يعتقد أعداء تراث العرب الخالد أن الحضارة العربية قد فقدت ينبوعها وبريقها العلمي والفلسفي بعد أن ظهرت الاكتشافات الصناعية والتقنية الحديثة في أوروبا وأمريكا خلال هذه القرون وأن الأسس الحضارية العربية لم تكن إلا مؤلفات محشوة بالخرافات والأساطير والشعر والأدب والخيال الخصب، وأنها لم تقدم للإنسانية شيئاً يذكر يضاف للحضارات الأصيلة كما في الغرب – هذا ما يذكره الشعوبيون الذين نسوا أو تناسو أن العرب لم يتركوا الكتب والمؤلفات وحدها فقط، وإنما تركوا فيها روح التجربة والقياس والاختبار وبصمات الملاحظة والتفكير العلمي التطبيقي والنظري، وانطبعت فيها أفكارهم الشامخة في كل مجالات العلم والفلسفة التي لولاها لما وصل الغرب إلى ما هو عليه الآن. إن التاريخ هو الآخر قد حفظ لنا الكثير من الشواهد المدموغة بالأسانيد الصحيحة على أن مدن العرب آنذاك كانت هي مصدر الإشعاع الفكري والإلهام لحضارة أوروبا التي كانت تتخبط في ذلك الوقت في دياجير الظلمات والضياع الفكري ومتاهات العلم الخيالي المبني على الخرافات والشعوذة والسحر والطلاسم ولولا نبوغ العرب وحفاظهم على التراث اليوناني الذي سبقهم بعدة قرون وإضافتهم الشيء الكثير عليه وتصحيح ما ورد في هذا الفكر من تناقضات واسعة لما حفظ تراث الأمم ولضاع على أيدي الغزاة التتار والجرمان وغيرهم. وقد جمع حضارة العرب المجيدة بين ثنايا معارفها العديدة كل العلوم قاطبةً، فالفلك والرياضيات وغوامض وأسرار الكون كان لها أفذاذها من علماء العرب والفيزياء والكيمياء وعجائبها كان لها عباقرتها من علماء العرب، والطب والحيوان والنبات وما تحير به الألباب كان لها فلاسفتها وأعلامها من العرب.